Floral Tapestry of Craftsmanship – AR
وردة من نسيج الحرف، 2023
نحاس، زجاج، صدف، خط، حبال الخيش، تطريز، خزف
L1, 4, W 2, H 2
يُعَدُّ التركيب الفني الذي يحمل عنوان “وردة من نسيج الحرف” تمثيلاً للوردة الشامية، التي تم تكبير حجمها لخلق تجربة غامرة للناظرين إليها. ينصبُّ التركيز الأساسي لهذا التركيب الفني على إظهار الوردة الشامية أكبر من حجمها الطبيعي في الحياة، التي صُنِعَت بدقة وباهتمام متقن بالتفاصيل. صُمِّمَت كل بتلة من بتلات هذه الوردة بطريقة فريدة ومميزة وبُنيت باستخدام مجموعة متنوعة من المواد، الأمر الذي جعلها ترمز لتقاليد الحِرف اليدوية السورية المختلفة.
المفهوم
“وردة من نسيج الحرف” هي قصيدة موجّهة للتراث الفني الغني لسورية، تكريماً للحِرف اليدوية المتنوعة التي ازدهرت في المنطقة لقرونٍ مضت. يهدف هذا التركيب الفني إلى الاحتفاء بالحرفيين وبراعتهم الماهرة مع إبراز جمال أشكالهم الفنية وتعقيداتها. الوردة الشامية رمزٌ محبب في الثقافة السورية، إذ يمثّل المرونة والجمال والترابط بين مختلف أشكال الفن. ومن خلال تكبير حجم هذه الوردة، يدعو التركيب الفني الناظرين إلى استكشاف التفاصيل المعقدة والخصائص الفريدة لكل بتلة وتذوّقها، على نحو يشبه تماماً أصالة الحِرف اليدوية السورية وإبداعها.
صُنعت كل بتلة من بتلات الوردة باستخدام مادة مختلفة تمثّل تقنية إحدى الحِرَف السورية. يرمز التطعيم بالصدف في المركز إلى فن الحِرفة الدقيق والحساس، في حين يعرض النحاس تقنيات الأشغال المعدنية التقليدية. يمثّل صنع القش الممارسة القديمة لنسج القش وتجديله لإنشاء عناصر وظيفية وزخرفية، وتدل الزخرفة “القيشانية”، وهي تقنية تقليدية على بلاط الطين، على التراث المعماري لسورية. يمثّل البروكار، المعروف بالنسيج المزخرف، فن صناعة الأقمشة. الزجاج المنفوخ من اقدم الحرف المعروفة عالمياً وأخيراً، يُزين الخط العربي إحدى البتلات بكتابة عربية أنيقة تعكس جمال ورونق الكلمة المكتوبة.
عن الفنانين:
لمزيد من التأكيد على التركيز على جمال التركيب الفني للوردة وتفاصيله، اختار مصمّمو هذه القطعة الفنية عدم الكشف عن هويتهم. وعدم الكشف المتعمّد هذا عن أسماء المصمّمين يسمح للناظرين بتوجيه انتباههم فقط إلى الحِرفية الفنية الرائعة التي تتمتع بها المواهب السورية وتقف وراء إبداعاتهم. ومن خلال إزالة الأضواء عن الهويات الفردية، يصبح التركيب الفني للوردة احتفالاً جماعياً بالمهارة العظيمة والإبداع الموجودين لدى الحِرفيين السوريين. ينبع قرار تسليط الضوء على المواهب السورية في “وردة من نسيج الحرف” من الرغبة في إبراز الإسهامات الفنية المذهلة، التي غالباً ما لا يتم التعرّف عليها. تتمتع سورية بتاريخ طويل من التقاليد الفنية، وهذا التركيب الفني للوردة هو بمثابة تكريم للمواهب الاستثنائية وتفاني الحِرفيين والحِرفيات، الذين دعموا هذه التقاليد على مرِّ الأجيال.
وردة من نسيج الحرف
نفخ الزجاج التقليدي:
يُعتقد، منذ ما يقرب من 4000 عام، أنّ الكنعانيين المعروفين أيضاً بالفينيقيين، الذين سكنوا مدينة صيدا على الساحل السوري الطبيعي، اكتشفوا اكتشافاً رائداً، وهو فن صناعة الأشكال الزجاجية الرائعة. لعبت سورية منذ ذلك الحين دوراً مهماً ودائماً في التطوّر العالمي لصناعة الزجاج. اخترع الحِرفيون السوريون في بداية العصر المسيحي، أنبوب النفخ، فأحدثوا ثورةً في فن صناعة الزجاج. كانت الأشكال الزجاجية قبل هذا التطور تُنشَأ عن طريق صَبِّ الزجاج المصهور في قوالب، ولكن بعد ظهور طريقة النفخ، اكتسب الحرفيون قدرةً على صنع أشكال دقيقة تتميز بخفّة وشفافية استثنائيتين، مما أدى إلى دخول عصر جديد من الأعمال الزجاجية الرائعة.
ومع ذلك، كان تبنّي سكان فينيسا لتقنية تصنيع الزجاج التي أخذوها من دمشق من الأمور التي أرست أسس صناعة الزجاج التي ازدهرت في أوروبا. وفي القرن الثالث عشر، بدأ شقيقان إيطاليان في رحلة إلى دمشق، حيث اكتسبوا مهارات صناعة الزجاج، ونقلوا هذه المعرفة لاحقاً إلى مدينة البندقية. شكّل هذا الحدث المهم أساساً لصناعة الزجاج الفينيسي المشهور الذي ظهر لاحقاً.
في البداية، كانت منتجات الزجاج الفينيسي تشبه إلى حدٍّ كبير نظيراتها السورية، وكان من الصعب تمييزها في كثير من الأحيان. ومع ذلك، بحلول القرن الخامس عشر، لم يتقن حرفيو الزجاج الفينيسي تقنية الطلاء بالمينا فحسب، بل أصبحوا رواداً أيضاً في أوروبا من خلال تحسين وتعزيز جمال النماذج الأولية السورية وشكلها وزخرفتها.
حتى في يومنا هذا، تظلُّ عملية التصنيع اليدوي لمنتجات الزجاج دون تغيير بوجه عام لأكثر من ألفي عام منذ اختراع أنبوب النفخ. يُسخَّن خليط من السيليكا والقلويات إلى درجة حرارة عالية، ويُحوَّل إلى مادة غير متبلورة حمراء لامعة. استُخدِمَت تاريخياً بقايا الزيتون في الأرض المعروفة باسم “جفت الزيتون” وقوداً، ولكن الأساليب الحديثة تتضمّن استخدام وقود الديزل وضغط الهواء لتكثيف الحرارة داخل فرن الآجر الحراري. هذا الأسلوب الدائم يطيل عمر الحِرفة والتقاليد التي لطالما اعتزَّ بها الناس لقرونٍ خلت.
التطعيم بالصدف:
ازدهر فن التطعيم بالصدف خلال العصر الذهبي الإسلامي، ولا سيّما في مدينة دمشق. صقل الحرفيون السوريون المهرة تقنياتهم، وابتكروا أعمالاً فنية بارعة. وخلال العصر المملوكي والعثماني، أصبح التطعيم بالصدف جزءاً لا يتجزأ من الفنون الزخرفية السورية. اشتُهر حرفيو دمشق الماهرون بتصميماتهم المعقدة وحِرفتهم الدقيقة، فلم تزين أعمال تطعيم الأثاث فحسب، بل زيّنت أيضاً الآلات الموسيقية والأسلحة والمواد المعمارية في القصور والمساجد.
يعرض الحرفيون السوريون خبراتهم من خلال ترتيب أجزاء الصدف ولصقها في أشكال معقدة، أو أنماط هندسية، أو حتى مشاهد تصويرية. تُصقَل الأصداف وتُنعَّم، وهذا ما يعزّز تقزّحها الطبيعي وإنتاج عرض آسر للأسطح المتلألئة متعددة الألوان، التي تتغيّر في مظهرها حين يمرُّ الضوء عليها. أثّرت أهمية سورية التاريخية، بوصفها مفترقاً لطرق التبادل التجاري والثقافي، في تطوّر تطعيم الصدف إلى حدٍّ كبير. كانت مدينة حلب مركزاً تجارياً رئيساً، ومركزاً للحصول على أصداف اللؤلؤ ومواد أخرى من الأراضي البعيدة. وقد أدّى ذلك إلى تسهيل تبادل الأفكار والتقنيات، مما أسهم في صقل حِرفة التطعيم بالصدف السورية. اكتسبت أعمال تطعيم الصدف السوري أو ترصيعه شهرةً دولية، ووجدت قطعٌ رائعة طريقها إلى السوق الأوروبية خلال القرن التاسع عشر، وأُعجِبَ النبلاء الأوروبيون وهواة جمع القطع بالجمال المعقد للتطعيم أو الترصيع السوري، مما أدّى إلى اندماجه في الأثاث الفاخر والأشكال الزخرفية.
النقش على النحاس:
تُعَدُّ الأسواق المسقوفة في دمشق وحلب الأسواق الرئيسة للمدن، إذ تتميز بشوارعها الطويلة المسقوفة بمظلات قماشية عالية، تصطف على جانبيها أكشاكٌ ومتاجرُ وحشودٌ صاخبة. تتصف المتاجر بأنها ضيقة وغير عميقة، ممتلئة بالبضائع من كل الأنواع، وأصحاب المتاجر يجلسون أمام متاجرهم مستعدين للمساومة مع الحشود المارة. وهذا السوق صاخب، إذ يتفاوض الرجال والنساء، وتنضم ضرباتُ النحّاسين إلى صخب السوق، معطيةً أصداءً لخطواتك وهي تصوغ هذا المعدن متعدد الاستخدامات وتعطيه شكلاً ليصبح تحفةً فنية رائعة.
تشتهر سورية منذ مدّة طويلة بتقليدها في النقش على النحاس، وهي حِرفة توارثتها الأجيال عبر الزمن. يمتلك النحّاسون في سورية فهماً عميقاً لموادهم، ويُسخّرون قابلية طرق النحاس ومتانته لصنع قطع فنية مميزة تأسر عين الناظر، وتحكي قصصاً عن الثقافة والتراث.
ومن خلال تقنياتهم المضنية وتفانيهم الذي لا يتزعزع، يبعثُ هؤلاء الحرفيون الحياةَ في إبداعاتهم، إذ ينحتون بدقة وحِرفية أنماطاً معقدة وزخارفَ دقيقة وتصميمات مزخرفة على الأسطح النحاسية. تُظهِرُ كلُّ ضربة من أدواتهم النسيج الغني للتاريخ السوري، كما تعكس دمج التأثيرات المتنوعة التي شكّلت المنطقة. يمتد فن النقش على النحاس إلى ما وراء الجماليات، إذ تؤدي إبداعاتهم أغراضاً وظيفية أيضاً، بدءاً من الأطباق والأوعية والصواني المذهلة المزيّنة بنقوش معقدة إلى أواني القهوة وأواني السماور المخصصة للشاي المبهرة، التي تنضح بالجمال والمنفعة. تجد هذه التحف الفنية مكانها في المنازل، فهي تصوّر جوهر الضيافة السورية، وتحافظ على التقاليد التي صمدت أمام اختبار الزمن.
نسج القش:
نسج القش هو أسلوب قديم يتضمن نسجاً معقداً وترتيباً للقش الطبيعي المصبوغ لإنشاء أنماط وتصميمات زخرفية.
لدى نسج القش السوري تاريخ طويل ومتأصّل بعمق في التراث الثقافي للبلد، وينتشر في الغالب عبر مدينتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين، وقد مارسه حرفيون ماهرون لقرونٍ عدّة، وأتقنوا الشكل الفني على مدى أجيال.
تبدأ العملية بجمع القش، عادةً قش القمح أو الجاودار، الذي يُجفَّف ويُنظَّف ويُنقَع في الماء الساخن بعناية لزيادة مرونته وليونته. يمكن للحرفيين استخدام المكوّنات الطبيعية لصبغ القش، إذ يمكن غليه في الماء مع قشور البصل لتكثيف لونه الأصفر، أو استخدام مخاريط شجر الحور أو لحاء شجر البلوط لجعله بنياً. في هذه الأيام، تُصبَغ القشّة بألوان نابضة بالحياة ومختلفة للحصول على لوحة لإنشاء أنماط معقدة. يُقطَع القش المصبوغ إلى شرائح رفيعة، ثم تُنسَج معاً باستخدام التقنيات التقليدية.
يُصمِّم الحرفيون بمهارة أنماطاً هندسية، أو زخارفَ نباتية، أو حتى تصوير مشاهد من الحياة اليومية من خلال النسيج الدقيق للقش المصبوغ. يمكن أن تكون الأنماط معقدة جداً، وتتطلّب اهتماماً دقيقاً بالتفاصيل وتتطلّب أيضاً يداً ثابتة ومثابرة. وبمجرّد اكتمال النسيج، تُلمَّع عادةً صينية القش أو تُطلى بطبقة واقية لتعزيز متانتها والحفاظ على ألوانها النابضة بالحياة. تحظى الصواني المنسوجة من القش السوري بتقدير كبير نتيجة حِرفتها الرائعة وجمالها الفريد من نوعه، فهي لا تُستخدَم في إعداد الطعام وتخزينه أو على أنها صواني لتقديم الطعام فحسب، بل تُستخدَم أيضاً على أنها قطع من الزينة الجميلة التي تُظهِر الهوية الثقافية والتقاليد الفنية لسورية.
لا تزال التحديات الرئيسة التي يواجهها الحرفيون السوريون اليوم تتمثّل في الترويج لمنتجاتهم وبيعها. وعلى الرغم من هذه التحديات، يواصل الحرفيون السوريون الحفاظ على هذه الحرفة التقليدية وتعزيزها، وإظهار مهاراتهم والحفاظ على الشكل الفني على قيد الحياة. تُعَدُّ بتلات القش المنسوجة يدوياً من سورية بمثابة تمثيل ملموس للتراث الغني للبلد والمواهب الرائعة للحِرفيين والحِرفيات.
القيشاني:
الزخرفة القيشانية، أو الخزف، هي فن قديم من الخزف الملوّن. تعود جذورها إلى مدينة قيشان في إيران، والعصور الإسلامية المبكرة، ولا سيّما في عهد السلالة الأموية. تطوّر فن الزخرفة القيشانية وازدهر عبر التاريخ الإسلامي، ووصل في النهاية إلى شكله الحالي.
تبرز دمشق بإسهاماتها الاستثنائية بين المدن التي لعبت دوراً أساسياً في تطوير الزخرفة القيشانية. كرّس الحرفيون الماهرون في دمشق أنفسهم للابتكار، وتحسين هذا الفن، وتوسيع نطاقه، مما أثر في نهاية المطاف في العالم الإسلامي الأوسع، وحتى إحداث تأثيرات كبيرة على تقاليد الخزف الأوروبية.
حظي الحِرَفيون في المدينة بتقدير كبير على إتقانهم تقنيات الخزف، إذ ابتكروا قطعاً خزفية معقدة ونابضة بالحياة تعرض الحِرَفية الدقيقة والتميّز الفني، من البلاط والألواح المزججة بدقة إلى أواني الزينة المزيّنة بأنماط غنية بالألوان. تتضمّن العملية مراحل عدّة، منها تشكيل الطين، والتجفيف، والحرق، والتزجيج، ثم رسم الأنماط المعقدة. أشارت الزخرفة القيشانية إلى المكانة الاجتماعية والمساحات السماوية المزيّنة. كان البلاط والأنماط تزين “الليوان”، وهو مساحة أساسية للتجمّع في المنازل الدمشقية، مما خلق عرضاً بصرياً رائعاً. كما يثري الفن المساجد بألوانه وتصميماته النابضة بالحياة، مما يرفع من الجو الروحي فيها.
لا يزال إرث الزخرفة القيشانية الدمشقية قائماً حتى يومنا هذا، ويتجلّى في وردة من نسيج الحرف إلى جانب الحِرَف السورية الأخرى التي حظيت بتقدير كبير، بوصفها دليلاً على براعة الحرفيين وإبداعهم بعد أن أسهموا في تطويرها. ويقف هذا الإرث دليلاً على القوة المتعالية للفن، وقدرة التقاليد الثقافية على تجاوز الحدود الزمنية والجغرافية.
ومن خلال الاحتفاء بفن الزخرفة القيشانية، نكرّم حِرَفيي دمشق الذين شكّلت رؤيتهم ومهاراتهم وتفانيهم تطورها. تركت براعتهم الرائعة وإسهاماتهم بصمةً لا تُمحى في عالم الخزف، وربطت دمشق بالنسيج الغني للتراث الفني إلى الأبد، الذي امتدَّ عبر القارات والقرون.
البروكار:
تشتهر دمشق بحِرفة تطريز البروكار المتقن، ويتطلّب صنع كل متر من هذا النسيج الدمشقي عشر ساعات من الحرفية الدقيقة نظراً لأنماطه الدقيقة والمعقدة.
يعود أصل مصطلح “بروكار” إلى كلمة (Procatello) الإيطالية، التي تشير إلى قطعة قماش حريرية فاخرة مزيّنة بخيوط ذهبية أو فضية. استخدم السوريون في البداية الحرير المستورد من الصين لتزيين البروكار. ولكن قبل قرن من الزمان، بدأوا باستخدام الحرير المنتج في دريكيش، وهي بلدة سورية تشتهر بتربية دودة القز. أُرسِلَت خيوط الحرير من دريكيش إلى حلب لمعالجتها، ويشمل ذلك جدلها وصبغها وتجهيزها للنسج في دمشق.
نتج عن تزاوج خيوط الحرير مع الذهب والفضة تركيبة أخّاذة تناسب الملوك. يتميز البروكار الدمشقي بأنماط متنوعة حملت عناوين مثل صلاح الدين، وروميو وجولييت، وكشمير، وسندباد، و”عاشق ومعشوق”. ومن المثير للاهتمام أنّ الملكة إليزابيث اختارت نمط “عاشق ومعشوق” ليزيّن فستان زفافها.
أرسل الرئيس السوري شكري القوتلي في عام 1947 إلى ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية مئتي متر من قماش البروكار. نُسِجَ هذا القماش الرائع على نول يدوي عتيق يعود تاريخه إلى عام 1890، ونشأ في مصنع المنذر في حي باب شرقي في دمشق القديمة. تميّز الفستان الملكي بتطريز معقد لـ “طائرين عاشقين” يتبادلان القُبل، منسوجين بخيوط من الذهب عيار 12 قيراطاً.
الخط العربي:
كان الخط العربي في البداية وسيلة تواصل، وقد اتسع تأثيره تدريجياً ليشمل مجالات متنوعة مثل الهندسة المعمارية والديكور وتصميم العملات المعدنية. نشأ هذا التطوّر من تمسّك المسلمين الأوائل بمعتقداتهم، مما منع استخدام الصور التصويرية الوثنية، التي سادت قبل تأسيس الإسلام في شبه الجزيرة العربية. ونتيجة لذلك، ظهر الخط على أنه شكلٌ قوي من أشكال التعبير، إذ قدّم وسيلةً بديلة لإيصال الرسائل، وإضفاء الجمال البصري دون اللجوء إلى التمثيل المرئي للأوثان. سمح هذا التحوّل للخط العربي بتجاوز أصوله النفعية والاضطلاع بدور ثقافي وفني مهم في المجتمعات الإسلامية. ازدهر هذا الشكل الفني باستمرار، إذ أسهم العصران البغدادي والعثماني في تطويره على نحوٍ ملحوظ.
لا يزال الخط العربي حتى اليوم يحظى بتقدير كبير بوصفه شكلاً فنياً، ويستمر في التطوّر. كما أنه يزدهر ليس من خلال الأساليب التقليدية فحسب، بل في مجال الفنون الرقمية والفنون التي ينتجها الحاسوب أيضاً. يستكشف خطّاطو العربية السوريون وحول العالم باستمرار أنماطاً جديدة، ويخلقون أعمالاً فنية فريدة تستند إلى النصوص الحالية إضافةً إلى دمج حروفهم الشخصية مع تنوعات النصوص.
تكمن الأهمية الدائمة للخط العربي في قدرته على دمج التعبير الفني بالكلمة المكتوبة، فيأسر الجماهير بجماله الأخّاذ ومعناه العميق. يقف الخط العربي، بدءاً من المخطوطات القديمة إلى الروائع المعاصرة، شاهداً على التراث الثقافي الغني لسورية، وتأثيره المستمر على المشهد الفني العالمي.